“ماذا عن سوني؟”.. الجملة التي جعلت من Xbox واقعًا!
مايكروسوفت قررت الدخول إلى عالم الكونسول في وقت سادت فيه سيطرة سوني ونينتندو على المجال بشكل عام بأجهزة رائعة يعشقها كل اللاعبين حول العالم.. فكيف من الممكن أن تنجح مايكروسوفت بأول توجه ضخم الخليج إنسايت في عالم الهاردوير؟ قصة أول جهاز اكسبوكس وتاريخ Xbox هي قصة عجيبة، وكان قد اقترب بيل جيتس من إلغاء المشروع تمامًا لولا ذكر أحد الموظفين اسم سوني وسيطرتها على السوق! فدعونا نتعرف على ما حدث فيما تُمسى بمجزرة يوم عيد الحب لعام 2000.
كل المعلومات مأخوذة من الوثائقي الذي قدمته Xbox عن رحلتها ويمكنكم الاستمتاع بكافة الحلقات هنا.
تطوير أول Xbox كان كابوسًا لكل موظفي مايكروسوفت!
مايكروسوفت كانت شركة سوفت وير في المقام الأول، وبيل جيتس كان قد أوضح في العديد من المرات أنه إذا أردت أن تكون شركة سوفت وير ناجحة فعليك التركيز على السوفت وير فقط وليس الهاردوير. نعم الشركة كانت تُقدم بعض الهاردوير في الماوسات والكيبوردات ولكنها كانت أشياء ثانوية فرعية لدعم فكرة الويندوز الرئيسية، والاكس بوكس كان يختلف اختلافًا جذريًا عن ذلك!
بيل جيتس قبل بفكرة الاكس بوكس في بادئ الأمر مع التأكيد على أنه سيعمل بنظام ويندوز بشكل رئيسي وليس نظام ثانوي خاص به، لكن فريق تطوير اكس بوكس وجد أن هذا سيكون مستحيلاً، فالويندوز يمتلك الكثير من الأمور الثانوية والفرعية التي لا يحتاجها نظام اكس بوكس على الإطلاق، فهو نظام ألعاب في نهاية الأمر.
فكّر الفريق في تطوير نظام خاص به مبني على فكرة الويندوز واضطروا إلى سرقة أساس نظام الويندوز من فريق الويندوز في مايكروسوفت لأنهم لم يريدوا إعطاء النظام لهم ليُعدلوا عليه كما يحلو لهم. وبالفعل تم تقليص حجم النظام لأقل من 10% من نظام الويندوز الرئيسي وبدأ الفريق في العمل على مشروع Xbox لبضعة أشهر حتى جاء وقت آخر اجتماع مع كبار مايكروسوفت لمناقشة الجهاز قبل عرضه كفكرة أولية في حدث GDC.
____
اقرأ أيضًا: هل مستقبل سلسلة Halo في خطر؟ وماذا سيحدث الخليج إنسايت؟
____
يوم 14 فبراير 2000 كان كابوسًا بالنسبة للعديد من الأشخاص في مايكروسوفت حيث اجتمع كل الفريق الذي يعمل على اكس بوكس مع بيل جيتس وباقي كبار الموظفين في مايكروسوفت لمناقشة المشروع للمرة الأخيرة، وبيل جيتس دخل الاجتماع في حالة من الغضب يصرخ فيهم موضحًا أن الفكرة الجديدة والنظام الجديد هو “إهانة لكل شيء قمت ببنائه في مايكروسوفت”. وكان يصرخ فيهم قائلاً “لماذا تريدون قتل نظام الويندوز الذي بنيته؟”.
بيل جيتس كان يرى الأمر من منظور ضيق في بادئ الأمر، واستمر الاجتماع لبضعة ساعات حتى دخلوا في وقت الليل، وللتذكير هذا كان في يوم عيد الحب والكثير من الموظفين يمتلكون عائلة أو صديقة يريدون العودة إليها وقضاء باقي اليوم معها، لكن هذا لم يحدث لأن الاجتماع استمر طويلاً!
المشروع كله كان على المحك وبعض أعضاء الفريق كانوا مقتنعين بأن بيل جيتس سيرفض الفكرة تمامًا وسيتم التخلي عن حلم صناعة Xbox.. حتى تدخل أحد الأشخاص الذي كان صامتًا طوال الاجتماع قائلاً “ماذا عن سوني؟”. في هذا الوقت كانت سوني تُسيطر على ساحة الألعاب بشكل رئيسي مع جهاز PlayStation 1، وكانت على وشك إصدار PlayStation 2 في الأسواق وهنا وقف بيل جيتس قليلاً يُفكر.
في النهاية التفت بيل جيتس إلى فريق اكس بوكس موضحًا لهم موافقته على المشروع وأنه سيعطيهم كل الموارد والتمويل اللازم لإصدار جهاز اكس بوكس ومنافسة بلايستيشن في الأسواق بالطريقة التي يراها فريق تطوير الجهاز مناسبة. وبالفعل حصل الفريق على ميزانية مليار دولار لبدء العمل على الجهاز وإطلاقه في الأسواق بحلول أواخر عام 2001.
الكشف عن Xbox والاستعراض الشهير مع ذا روك
تم الكشف عن جهاز Xbox على فترات.. فكان في البداية مجرد فكرة أولية تم الكشف عنها في حدث GDC لعام 2000 مع استعراض بعض التقنيات البسيطة التي سيكون جهاز Xbox قادرًا على تقديمها للاعبين عند إطلاقه، ولكن الاستعراض الأكبر والذي أخذ شهرة عملاقة على الإنترنت وقتها كان مع المصارع الشهير The Rock في حدث CES 2001.
هذا الكشف كان عملاقًا حيث خرج The Rock ليتحدث مع Bill Gates عن مواصفات الجهاز وأنه حتى في ربع قوته قادرًا على التفوق على كل المنافسين في الصناعة، وأن منصة اكس بوكس ستكون مستقبل عالم الألعاب بتقديم تجارب تقنية غير مسبوقة ومن المستحيل أصلاً تقديمها على المنصات المنافسة من PlayStation و Nintendo. الكل كان متحمسًا، وهذا الحماس ازداد بالأخص مع اقتراب حدث E3 2001.. لكن ما حدث لم يكن في الحسبان.
قدمت بلايستيشن عرضًا رائعًا لاستعراض مستقبل منصة PlayStation 2 وبعدها دعت مجموعة من اللاعبين والإعلاميين لحفلة وسهرة مميزة. ثاني يوم جاءت Xbox لتعرض الجهاز خاصتها على المسرح، لكن الجهاز لم يعمل. نعم بعد الضغط على زر التشغيل لم يعمل الجهاز بأي شكل من الأشكال وكان الموقف محرجًا للغاية لكل من وراء فريق تطوير الجهاز بالأخص وأنهم على بُعد 6 أشهر فقط من إطلاقه في كل أنحاء العالم.
والمشكلة لم تتوقف عند ذلك الحد، بل قامت مايكروسوفت بوضع كمية ضخمة من أجهزة Xbox في الـ Booth خاصتها بالمنطقة الترفيهية لحدث E3 2001، لكن الأجهزة كانت تعمل بنصف القوة تقريبًا مما جعل لعبة مثل Halo تبدو وكأنها لعبة من التسعينات مع تساقط كبير في الإطارات وجودة غير مقبولة إطلاقًا!
زاد الشكّ قليلاً في جعبة اللاعبين بالأخص وأن مايكروسوفت كانت تدعي في كل استعراضاتها السابقة أن الجهاز سيكون أقوى بمراحل من بلايستيشن 2 وأنها تنوي السيطرة على مستقبل ساحة الألعاب.. وفي النهاية تم عرض منصة غير قادرة على تشغيل أهم لعبة عند الشركة رغم أنها ستصدر في الأسواق خلال أقل من نصف عام، فهل ستكون الشركة قادرة على فعل ذلك أم سيتم تأجيل الإطلاق؟
عمل فريق اكس بوكس نهارًا وليلاً في آخر ستة أشهر بل وكانوا يبيتون في المكتب في بعض الأحيان لضمان إطلاق الجهاز بدون أي مشاكل، وبالفعل صدرت المنصة في نوفمبر 2001 لتُشكل بداية عصر جديد في عالم الألعاب ودخول اكس بوكس في المنافسة بشكل رسمي ضد أكبر شركات الصناعة.
الألعاب هي الأساس.. ولادة الأسطورة Halo
في وقتنا الحالي أصبح الكل يهتم بعتاد الأجهزة ويقيسون كم قوة الجهاز بمقدار التيرا فلوبس المتواجد بداخله وأصبح مُحبي كل منصة يفتخرون بقوة جهازهم على حساب الأجهزة الأخرى، لكن الأمر لم يكن على نفس الشكل في أوائل الألفينات. لم يكن يهتم أحد بقوة الجهاز أو شكل العتاد الداخلي وطريقة تصنيعه والتبريد والتصميم وكل تلك الأمور.. الكل كان يُركز فقط على الألعاب. الألعاب كانت أساس نجاح الأجهزة قديمًا وهي كانت سبب سيطرة بلايستيشن ونينتندو على الأسواق قبل دخول اكس بوكس لمنافستهما.
للأسف اكس بوكس أخذت أسوأ قرار ممكن في أوائل الألفينات حيث تواصل معهم فريق Rockstar Games عارضًا فكرة تحويل سلسلة Grand Theft Auto من سلسلة 2D إلى 3D، لكن كبار الموظفين في مايكروسوفت واكس بوكس وجدوا أن الأمر به مخاطرة كبيرة ولم يوافقوا على المشروع موضحين أنه سيكون من الصعب تحويل لعبة مثل تلك إلى تجربة ثلاثية الأبعاد بشكل كامل.
وهذا كان أسوأ قرار من الممكن أن تتخذه اكس بوكس، لأن سوني قررت التعاون مع فريق Rockstar Games وتم إطلاق لعبة Grand Theft Auto 3 كحصرية مؤقتة على منصة PlayStation 2 في أكتوبر 2001 ثم صدرت على الحاسب الشخصي ولاحقًا في نوفمبر 2003 صدرت على جهاز Xbox بعد أن انتهى وقت حصرها على بلايستيشن.
تخيلوا لو كانت GTA 3 حصرية على Xbox بدلاً من PS2.. هذا في حد ذاته كان سيُعطي دفعة كبيرة للمنصة في وقت إطلاقها ويجعل اللاعبين يتهافتون من أجل شرائها لتجربة أحدث أجزاء سلسلة GTA المحبوبة من Rockstar، لكن للأسف كبار الموظفين لم ينظروا على المدى البعيد ولم يتوقعوا الأسطورة التي ستُصبح عليها هذه السلسلة وأي عنوان آخر يصدر من فريق Rockstar.
لحسن الحظ، اكس بوكس كان لديها مفاجأة أخرى في جعبتها، حيث قررت الاستحواذ على فريق Bungie لتطوير لعبة منظور شخص أول حصرية على جهاز Xbox تجعل كل مُحبي هذه النوعية من الألعاب يتوجهون للمنصة، والنتيجة النهائية كانت لعبة Halo التي صدرت بجانب الجهاز في نوفمبر 2001.
كل اللاعبين في أوائل الألفينات كانوا مقتنعين بأن ألعاب منظور الشخص الأول لا تصلح للتجربة بيد التحكم ولن يتمكنوا من تجربتها بدون ماوس وكيبورد حيث تعودوا على ذلك مع الألعاب الكلاسيكية أمثال DOOM و Wolfenstein، لكن Bungie و Xbox كان لديهما رأي مختلف تمامًا حيث عرضوا لعبة Halo لأول مرة على Xbox وكانوا مهتمين بجعل الكل يرى أن اللعبة قابلة للتجربة بشكل مثالي باستخدام يد تحكم بل وتُقدم تجربة ممتعة ولن يجد اللاعبين أي مشكلة في الاستمتاع بها بدون ماوس وكيبورد كما تعودوا على مدار السنوات السابقة.
صدر جهاز Xbox بجانب لعبة Halo: Combat Evolved في 15 نوفمبر 2001 وحقق الاثنين نجاحًا عملاقًا على المستوى المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية، والعالمي في دول أوروبا واليابان بالتحديد.. وتلك كانت البداية المتخبطة لدخول Xbox في سوق أجهزة الكونسول لمنافسة PlayStation و Nintendo بشكل رئيسي والوقوف أمامهم وجهًا لوجه.
والبقية تاريخ..
بعد مرور أكثر من 20 عام على تواجد Xbox بأربعة أجيال مختلفة، والنجاحات الخارقة التي حققتها مع جهاز Xbox 360، والمشاكل مع إطلاق Xbox One، وكون مايكروسوفت أول شركة تُقدم فكرة الخدمات في الألعاب.. فلا يمكننا تخيل الصناعة الآن بدون تواجد منصة Xbox أو خدمتها الأكثر شهرة Xbox Game Pass والتي حازت على حب اللاعبين على مدار الستة سنوات الماضية.
الآن Xbox تأخذ مسارًا مختلفًا تمامًا في صناعة الألعاب حيث قررت الابتعاد عن منافسة الحصريات ولا تُركز بشكل رئيسي على بيع أجهزتها، بل قررت نشر شعار أن “كل شيء عبارة عن Xbox”. تمتلك هاتف محمول؟ حسنًا يمكنك تجربة ألعاب الشركة عبر السحابة. تمتلك شاشة تلفاز؟ يمكنك فعل نفس الشيء بدون وجود أي عتاد، مجرد أن تدفع اشتراك وتوصل جهازك بالإنترنت وتستمتع أيًا كان هذا الجهاز.
الشركة تريد أن تجعل من كل منصة عبارة عن شيء قابل لتجربة ألعاب Xbox عليه لدرجة أنها بدأت في إطلاق بعض ألعابها على المنصات المنافسة مثل PlayStation و Nintendo وهذا شيء لم نتوقع حدوثه على الإطلاق. توجه اكس بوكس اختلف عن السابق، والشركة تريد أن تُسيطر على الصناعة بشكل مختلف الآن.. لكننا لا نعرف ما إذا كانت ستنجح هذه الطريقة أم ستؤدي إلى فشل غير مسبوق ولحظة حاسمة في تاريخ Xbox..